الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

فرية الكتاب المقدس






بقلم:د. زينب عبد العزيز
فى السادس من شهر أكتوبر عام 2008 نشر موقع البى بى سى، التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، مقالا حول مخطوطة الكتاب المقدس المعروفة بإسم "السيناوية" – نسبة إلى سيناء، حيث تم العثور عليها فى دير سانت كاترين منذ مائة وستين عاما تقريبا ، وللتمييز بينها وبين المخطوطة الأخرى التى ترجع أيضا إلى القرن الرابع والمعروفة بإسم "الفاتيكانية". وهما أقدم مخطوطتان معروفتان للكتاب المقدس وإن كانتا مكتوبتان باليونانية ، أى أنهما ليستا النسخة الأصلية لذلك الكتاب المفترض فيه أن يكون مكتوبا بالآرامية ، على الأقل فيما يخص العهد الجديد ، أى بلغة يسوع ..
وبخلاف الإشارة إلى كمّ التصويبات والتعديلات الموجودة على المخطوطة وفى كل صفحة منها، وهو ما يثبت يقينا أن ذلك النص لا يمكن أن يكون كلام الله ، على حد قول رودجر بولطون كاتب المقال، الأمر الذى سوف يصدم العديد من الأتباع الذين يتصورون أن الكتاب المقدس الحالى، الذى بين أيديهم، منزّل من عند الله ، فإن المقال كان يُعلن عن قرب إفتتاح الموقع الخاص بهذه المخطوطة ، فى الصيف المقبل ، لتكون متاحة لكل من يريد الدراسة والإستزادة من معرفة كيفية صياغة وتكوين النصوص "المقدسة" عبر العصور ..
وبالفعل ، كما كان معلنا فى أكتوبر الماضى ، تم إفتتاح الموقع الخاص بمخطوطة سيناء فى شهر يوليو 2009 ، ورابطه هو: www.codex-sinaiticus.net . وفى السادس والسابع من نفس الشهر أقيم بالمكتبة البريطانية مؤتمر علمى حول أصول مخطوطة الكتاب المقدس بعد تجميع أجزاؤها من أربعة أماكن مختلفة هى : المكتبة البريطانية، المكتبة القومية فى روسيا، دير سانت كاترين بسيناء، ومكتبة جامعة لايبزج. ويبدو أن الإلتزام بموعد الإفتتاح طغى على إمكانية إتمام كل محتويات الموقع سواء فى عدد اللغات المعلنة أو فى ترجمة جميع النصوص.
وما يقال حول كيفية إكتشاف هذه المخطوطة وقصة إنتقال أجزاؤها فى تلك الأماكن الأربعة يتضمن بعض الغموض وشىء من اللا معقول – أى أن هناك ما يوجد بين السطور وما خلفها و.. ما يقال عليها ، وذلك مثل كل ما يتعلق بكيفية نشأة وأصول المسيحية الحالية ! وإختصاراً ، يقولون أنه فى عام 1844 توجه أحد الباحثين الألمان ، ويدعى قسطنطين فون تيشندورف C. Von Tischendorff)) المرسل إلى مصر فى مهمة إستطلاعية من قِبَل فريدريك أغسطس ملك ساكسونيا، ليزور دير سانت كاترين الأورثوذكسى... وفى تجواله فى غرفة أحد الرهبان وقع نظره على سلة مهملات بجوار المدفأة ، بها مخطوطات كانت فى طريقها لإعلاء سعير نيرانها ... وهذه الجزئية تحديداً ليست بغريبة فما أكثر المخطوطات التى استخدمها الرهبان للتدفأة ، فهُم أول من يعلم بحقيقة قيمتها ... فمد الباحث يده من باب الفضول وإذا به يمسك بمائة تسع وعشرين صفحة مخطوطة من العهد القديم، المعروفة باسم السبعينية. فأخذها وأودعها مكتبة جامعة لايبزج.
وفى زيارة أخرى عام 1853 عثر على جزئين آخرين من العهد القديم ، وفى زيارة ثالثة عام 1859 أخبره الراهب بما يحتفظ به لنفسه ، وإذا به العهد الجديد كاملا .. إلا أن الراهب رفض أن يعطيه له ، فسافر تيشندورف إلى القاهرة، إلى دير يتبع نفس الملة، وطلب إستحضار المخطوطة من عند الراهب لإهدائها إلى القيصر الذى كان يقوم بتمويل الحفائر فى الموقع ، وهو ما تم له فعلا ... وفى عام 1869 قام القيصر بإهداء سبعة آلاف روبيل لكل دير منهما ، فى القاهرة وفى سانت كاترين ، مع بعض الهدايا العينية .. ولا يزال بدير سانت كاترين 33 الف مخطوطة ، تعد أكبر مجموعة مخطوطات مسيحية خارج الفاتيكان.
وتكشف هذه الجزئية من تاريخ مخطوطة سيناء عن عدة مآخذ ، أولها خطورة عمليات التنقيب عن الآثار التى تشرف عليها بعثات أجنبية ؛ سرقة الآثار والمخطوطات وسهولة الخروج بها من خلال المؤسسات الكنسية أو الدبلوماسية ؛ إهمال القساوسة وعدم إدراكهم لأهمية ما بين أيديهم من وثائق – فما أكثر ما ضاع وإبتلعته النيران أو فرّطوا فيه من أجل حفنة عملات على مر التاريخ ، وهذه ليست بمعلومة جديدة وما أكثر من أشاروا إليها من المؤرخين والعلماء ..
ومع تناثر أجزاء مخطوطة سيناء فى أربعة بلدان، يقال أنه فى عام 1933 قامت السلطات السوفييتية ببيع ما لديها من المخطوطة أو جزء منها إلى بريطانيا، بمبلغ مائة ألف جنيه إسترلينى، وأودعت فى المكتبة البريطانية. وفى شهر مارس عام 2005 تم الإتفاق بين المؤسسات الأربع لتجميع الأجزاء المتناثرة فى مكان واحد وعمل موقع لها وتصويرها رقميا والقيام بعمل ترجمة علمية لنصوصها بالأربع لغات.
وأهم ما تكشف عنه مخطوطة سيناء هذه أن العهد الجديد كان يتضمن كتبا أو أسفاراً لم تعد توجد فى العهد الجديد الحالى ومنها خاصة وجود إنجيل برنابا كاملا وإنجيل الراعى هيرماس، اللذان تم إستبعادهما بعد ذلك؛ كما تكشف عن تغيير ترتيب الأسفار المعروفة حاليا..
وبخلاف إضافة أو إستبعاد بعض النصوص، فإن هذه المخطوطة تُسقط بكل تأكيد مصداقية هذه النصوص "المقدسة" : إذ بها كمّ لا تغفله عين من الطمس والإضافات والتغيير والتبديل فى كل صفحة – كما هو واضح فى الصورة بأول المقال !. بينما يعلق دكتور سْكوت ماكّندريك ( Sc. Mckendrick) قائلا فى جريدة "لوموند" الفرنسية: "هذه المخطوطة تفتح نافذة واسعة على بدايات المسيحية وتقدم أدلة من الدرجة الأولى حول كيفية إنتقال الكتاب المقدس وصياغته من جيل إلى جيل"... ذلك لأن المخطوطة مليئة بالتصويبات المنتشرة فى كل صفحة من صفحاتها ، وهى تصويبات قام بها ما لا يقل عن عشرة مصححون، والكثير من هذه التغييرات يقال أنه تم خاصة فى القرن السادس والسابع وإمتد حتى القرن الثانى عشر !
ويقول جون بورجن ( J. Burgon) عميد كلية وستمينستر: "إن عدم نقاء النص المتعلق بمخطوطة سيناء أو مخطوطة الفاتيكان ليس مجرد قضية رأى، وإنما هى حقيقة واقعة ، فمخطوطة الفاتيكان تغفل كلمات أو جمل بأسرها فى أكثر من 1491 موضع ، ومخطوطة سيناء مليئة بالأخطاء الظاهرة للعين المجردة ... أو بمعنى أدق: مخطوطة الفاتيكان تحذف 2877 كلمة، وتضيف 536 كلمة، وتبدّل معنى 935 كلمة، وتغيّر موضع 2098 كلمة، وتعديل 1132 كلمة، وهو ما يؤدى إلى 7578 إختلافا حقيقيا فى النص ؛ ومخطوطة سيناء أكثر فساداً إذ أنها تتضمن أكثر من 9000 إختلاف وتناقض "!!
وحتى القرن الرابع لم تكن المؤسسة الكنسية قد إستقرت بعد على إختيار الأناجيل التى ستحتفظ بها، من بين عشرات الأناجيل المتداولة ، لذلك تم إنعقاد مجمع نيقية الأول عام 325 ، لتحديد هذا الإختيار وترسيخ عقيدة الإيمان بعد تعديلها نتأليه يسوع عليه السلام.. واستبعاد إنجيل برنابا بعد ذلك من العهد الجديد الحالى لا يرجع إلى أنه يتهم اليهود بقتل المسيح كما قيل ، وليس الرومان ، فذلك هو ما تؤكده رسائل بولس وأعمال الرسل التى تم الإحتفاظ بها ، وإنما إستُبعد برنابا لأنه يشير صراحة إلى مجئ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام – وهذه قضية أخرى ..
وإذا نظرنا إلى العهد الجديد عن قرب، فى مخطوطة سيناء، لوجدنا أنها تكشف أحيانا عن عكس ما يقوله يسوع فى الأناجيل الحالية ؛ كما لا توجد قصة المرأة الزانية التى كانت سترجم وأنقذها يسوع ؛ ولا توجد العبارة التى قالها يسوع وهو على الصليب : "يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا 23 : 34 ) ؛ كما لا تذكر المخطوطة شيئا عن صعود المسيح إلى السماء ، وبغياب هذا الدليل الذى يُعد من أسس الإيمان المسيحى ندرك إلى أى مدى تم نسج هذه الأناجيل وهذه العقيدة على مر العصور...
ومن أهم ما تكشف عنه هذه الآيات الغائبة عن هذا النص السيناوى ، أن نهاية إنجيل مرقس كانت تقف عند العدد 8 من الإصحاح 16 التى تقول : " فخرجن سريعا وهربن من القبر لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن ولم يقلن لأحدٍ شيئاً لأنهن كن خائفات" !! وهذا يعنى أنهن لم يبلّغن عن وجود القبر خاوياً ، وبالتالى فما من أحد قد علم بأن يسوع قد صحا من الموت أو أنه قد بُعث حياً كما تزعم المؤسسة الكنسية، فوفقا لما يقوله الإنجيل فى هذه المخطوطة التى ترجع لأواخر القرن الرابع ، "لم يقلن لأحدٍ شيئاً لأنهن كن خائفات" ..
ومن الواضح أن الأعداد من 9 إلى 20 التى تمثل النهاية الحالية لإنجيل مرقس قد أضيفت لاحقا لتتمشى مع الإضافة التى تمت لإنجيل متّى وما بها من فرية أن يسوع قال : " إذهبوا وكرزوا كل الأمم باسم الآب والإبن والروح القدس"، فالثالوث لم يتم تأليفه وفرضه على الأتباع إلا فى مجمع القسطنطينية عام 381.. كما أن وجود الإشارة إلى الثالوث تؤكد أن مخطوطة سيناء ترجع إلى ما بعد عام 381 وليس إلى منتصف القرن الرابع ..
وهناك ملاحظة أقل أهمية فى إنجيل يوحنا : فهو ينتهى فى المخطوطة بالإصحاح 21 عدد 24 ، أى إن مقولة العدد 25 غير موجودة، ومجرد الإطلاع على صياغتها فى الأناجيل الحالية يدرك القارئ إلى أى مدى المبالغة هى الأساس فى الدعوة إلى هذه العقيدة ، ويقول العدد غير الوارد فى المخطوطة : " وأشياء أخرى كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة. آمين" !!
كما أن النهاية الأصلية لهذا الإنجيل تكشف أن يوحنا المزعوم ليس كاتب هذا الإنجيل المعروف بإسمه، بدليل قول من كتبه : "هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا وكتب هذا ونعلم أن شهادته حق" ( يوحنا 21 : 24).
لذلك يقول أندريه بول فى موسوعة "أونيفرساليس" الفرنسية فى فصل الكتاب المقدس : " أن الكتاب المقدس قد تم تكوينه على مراحل ، فهو مجموعة من الكتب المصاغة فى فترات مختلفة وتم تجميعها عبر تسعة قرون ، بناء على روايات شفهية يتم تعديلها وتصحيحها وفقا للأحداث الجديدة ... وبفضل إكتشافات مخطوطات قمران تبيّن أن الكتاب المقدس ليس مجرد تراكمات عبر الزمان ، وإنما هو نتيجة إختيارات إنتقائية لبعض النصوص وإستبعاد لبعضها الآخر " .. ولذلك أيضا يؤكد بارت إرمان ( B. Ehrman) عالم اللاهوت و أستاذ تاريخ الأديان بالولايات المتحدة قائلا: "أن الكتاب المقدس الذى بين أيدينا حاليا لا يمكن أن يكون كلام الله"...
والمتأمل فى الصورة المرفقة ، وهى مجرد نموذج واحد لكل صفحة من صفحات مخطوطة سيناء ، لا يملك إلا أن يُصدم من جبروت المؤسسة الكنسية، ومن كمّ الظلم والقهر الذى مارسته فى مسيرتها على مدى الفى عام ، ولا نقول شيئا عن قتل ملايين وملايين البشر لتفرض عقيدة محرّفة ، مزورة بوضوح، نسجتها بالفريات على مر العصور ، وها هى ، مجرد مخطوطة تظهر إلى الوجود لتهدم فريات تلك المؤسسة بمجرد نظرة واحدة !
لذلك لا يسعنى إلا أن أقول بلا أى تجريح أو مؤاخذة، لكل الذين يساهمون عمدا أو عن جهل فى عمليات التنصير، الجارية حاليا فى جميع أنحاء العالم الإسلامى، فما من واحد منهم مسئول عمّا تم فى مسيحيته من تحريف وفريات منذ نشأتها وعلى مر العصور : إتقوا الله فى الإسلام والمسلمين ، فالدين عند الله هو الإسلام، التوحيد الحق ، الذى نراه بكل وضوح فى سورة الإخلاص ، التى كشفت وأدانت بتلك الآيات أهم ما تم فى المسيحية من تحريف وشرك بالله : " قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد "
إتقوا الله ، بدلا من إشعال الفتن ، لفرض عقيدة لم يعد بخفى كيف نُسجت وكيف فُرضت ..

السبت، 26 ديسمبر 2009

تعلموا الحيل(كنيسة الخداع في الوراق )

"تعلموا الحيل وتعلموا واللغات "هذه كانت وصية بولس مؤسس المسيحية الحالية لأتباعه حين قالوا له إن الناس تقول إن الحواريين يقومون بالمعجزات ويتكلمون بكل لسان فوصاهم بولس بهذه الوصية فقد كان أتباعه لا يملكون عقيدة أو قدرات الحواريين وبالحيل استطاع بولس أن يوسع مساحة فكرته على حساب الدين الحق والمقصود من الحيل هنا هي السحر وحيل الحواة والمشعوذين .

هل هي قصة تاريخية جاءت في الإنجيل في سفر أعمال الرسل وانتهت ؟

الواقع يقول أن عملية الخداع واستخدام الحيل مازالت مستمرة وهذا هو حقيقة المسرحية التي تتم في كنيسة الوراق الآن .

وقد حدثت هذه المسرحية من قبل في كنيسة الزيتون وقد سجلها قلم المرحوم الشيخ الغزالي في كتابه قذائف الحق ورأيت أن أنقل الموضوع لفائدته , و سوف يلقي الضوء على حقائق هامة عن طبيعة العصر الحالي الذي نعيشه فإلى كلام عالمنا الفاضل :

(جرت أسطورة ظهور العذراء في كنيسة عادية، وكاهنها ـ فيما علمت ـ رجل فاشل لا يتردد الأقباط على دروسه .

وبين عشية وضحاها أصبح كعبة الآلاف، فقد شاع وملأ البقاع أن العذراء تجلت شبحاً نورانياً فوق برج كنيسته، ورآها هو وغيره في جنح الليل البهيم ..

وكأنما الصحف المصرية كانت على موعد مع هذه الإشاعة، فقد ظهرت كلها بغتة، وهى تذكر النبأ الغامض، وتنشر صورة البرج المحظوظ، وتلح إلى حد الإسفاف في توكيد القصة ..

وبلغ من الجرأة أنها ذكرت تكرار التجلي المقدس في كل ليلة .

وكنت موقناً أن كل حرف من هذا الكلام كذب متعمد، ومع ذلك فإن أسرة تحرير مجلة " لواء الإسلام " قررت أن تذهب إلى جوار الكنيسة المذكورة كي ترى بعينيها ما هنالك ..

وذهبنا أنا والشيخ " محمد أبو زهرة " وآخرون، ومكثنا ليلاً طويلاً نرقب الأفق،

ونبحث فى الجو، ونفتش عن شيء، فلا نجد شيئاً البتة .

وبين الحين والحين نسمع صياحاً من الدهماء المحتشدين لا يلبث أن ينكشف عن صفر .. عن فراغ .. عن ظلام يسود السماء فوقنا .. لا عذراء ولا شمطاء ..

وعدنا وكتبنا ما شهدنا، وفوجئنا بالرقابة تمنع النشر ..

وقال لنا بعض الخبراء : إن الحكومة محتاجة إلى جعل هذه المنطقة سياحية، لحاجتها إلى

المال، ويهمها أن يبقى الخبر ولو كان مكذوباً ..

ما هذا ؟!

ولقينى أستاذ الظواهر الجوية بكلية العلوم في جامعة القاهرة، ووجدني ساخطاً ألعن التآمر على التخريف وإشاعة الإفك، فقال لي : أحب أن تسمع لي قليلاً، إن الشعاع الذي قيل برؤيته فوق برج الكنيسة له أصل علمي مدروس، واقرأ هذا البحث .

وقرأت البحث الذي كتبه الرجل العالم المتخصص ( الأستاذ الدكتور محمد جمال الدين الفندى )، واقتنعت به، وإني أثبته كاملاً هنا .. :

" ظاهرة كنيسة الزيتون ظاهرة طبيعية ..

" عندما أتحدث باسم العلم لا أعتبر كلامي هذا رداً على أحد، أو فتحاً لباب النقاش في ظاهرة معروفة، فلكل شأنه وعقيدته، ولكن ما أكتب هو بطبيعة الحال ملخص ما أثبته العلم في هذا المجال من حقائق لا تقبل الجدل ولا تحتمل التأويل، نبصر بها الناس،ولكل شأنه وتقديره ..

" ولا ينكر العلم الطبيعي حدوث هذه الظاهرة، واستمرارها في بعض الليالي لعدة ساعات،بل يقرها ولكن على أساس أنها مجرد نيران أو وهج أو ضياء متعددة الأشكال غير واضحة المعالم، بحيث تسمح للخيال أن يلعب فيها دوره، وينسج منها ما شاءت الظروف أن ينسج من ألوان الخيوط والصور . إنها من ظواهر الكون الكهربائية التي تحدث تحت ظروف جوية معينة، تسمح بسريان الكهرباء من الهواء إلى الأرض عبر الأجسام المرتفعة نسبياً المدببة في نفس الوقت، شأنها فى ذلك مثلاً شأن الصواعق التي هي نيران مماثلة، ولكن على مدى أكبر وشدة أعظم، وشأن الفجر القطبي الذي هو في مضمونه تفريغ كهربي في أعالي

جو الأرض، ولطالما أثار الفجر القطبي اهتمام الناس بمنظره الرائع الخلاب، حتى ذهب بعضهم خطأ إلى أنه ليلة القدر، لأنه يتدلى كالستائر المزركشة ذات الألوان العديدة التي تتموج في مهب الريح ..

" ومن أمثلة الظواهر المماثلة لظاهرتنا هذه أيضاً ـ من حيث حدوث الأضواء وسط الظلام

ـ السحب المضيئة العالية المعروفة باسم " سحاب اللؤلؤ "، وهذا السحاب يضيء ويتلألأ وسط ظلام الليل، لأنه يرتفع فوق سطح الأرض، ويبعد عنها البعد الكافي الذي يسمح بسقوط أشعة الشمس عليه رغم اختفاء قرص الشمس تحت الأفق، وتضيء تلك الأشعة ذلك السحاب العالي المكون من أبر الثلج، فيتلألأ ويلمع ضياؤه ويترنح وسط ظلام الليل ونقاء الهواء العلوي فيتغنى به الشعراء ..

" وتذكرنا هذه الظاهرة كذلك بظاهرة السراب المعروفة، تلك التي حيرت جيوش الفرنسيين أثناء حملة نابليون على مصر، فقد ظنوا أنها من عمل الشياطين حتى جاءهم العالم الطبيعي " مونج " بالخبر اليقين، وعرف الناس أنها من ظواهر الطبيعة الضوئية ..

" وظاهرتنا التي تهمنا وتشغل بال الكثيرين منا تسمى في كتب العلم " نيران القديس المو " أو " نيران سانت المو "، ونحن نسوق هنا ما جاء عنها في دائرة المعارف البريطانية التى يملكها الكثيرون ويمكنهم الرجوع إليها : النص الإنجليزى فى : Handy

Volume Essue Eleventh Edition الصحيفة الأولى من المجلد الرابع والعشرين تحت اسم :

St. Elms Firs .. وترجمة ذلك الكلام حرفياً : ..

" نيران سانت المو : هي الوهج الذي يلازم التفريغ الكهربي البطيء من الجو إلى الأرض

. وهذا التفريع المطابق لتفريغ " الفرشاة " المعروف في تجارب معامل الطبيعة يظهر عادة في صورة رأس من الضوء على نهايات الأجسام المدببة التي على غرار برج الكنيسة وصاري السفينة أو حتى نتوءات الأراضي المنبسطة، وتصحبها عادة ضوضاء طقطقة وأزيز ..

" وتشاهد نيران سانت المو أكثر ما تشاهد في المستويات المنخفضة خلال موسم الشتاء أثناء وفى أعقاب عواصف الثلج ..

" واسم سانت المو هو لفظ إيطالي محرف من سانت " رمو " وأصله سانت أراموس، وهو

البابا فى مدة حكم دومتيان، وقد حطمت سفينته في 2 يونيو عام 304، ومنذ ذلك الحين

اعتبر القديس الراعي لبحارة البحر المتوسط الذين اعتبروا نيران سانت الموا بمثابة ) هذه إحدى ظواهر ترويم المسيحية , ونعود لكلام عالمنا الجليل :

(العلاقة المرئية لحمايته لهم، وعرفت الظاهرة لدى قدماء الإغريق . ويقول بلن Biln فى كتابه " التاريخ الطبيعي " أنه كلما تواجد ضوءان كانت البحارة تسميهما التوأمان،

واعتبر بمثابة الجسم المقدس ..

" على هذا النحو نرى أن أهل العلم الطبيعي لا يتحدثون عن خوارق الطبيعة، وإنما

يرجعون كل شيء إلى قانونه السليم العلم التطبيقي، أما من حيث انبعاث ألوان تميز تلك النيران، فيمكننا الرجوع إلى بعض ما عمله العلماء الألمان أمثال جوكل Gockel من تفسير الاختلاف في الألوان، فهو يبين في كتابه Das gewiter من التجارب التي أجراها في ألمانيا أنه أثناء سقوط الثلج تكون الشحنة موجبة ( اللون الأحمر )، أما أثناء

تساقط صفائح ثلج فإن الشحنة ليست نادرة، ويصحبها أزيز، ويغلب عليها اللون الأزرق ..

" وفى كتاب الكهرباء الجوية Atmospheric Electricity لمؤلفه شوتلاند صفحة 38 نجده

يقول : ..

" تحت الظروف الملائمة فإن القسم البارز على سطح الأرض كصواري السفن إذا تعرضت إلى مجالات شديدة من حالات شحن الكهرباء الجوية يحصل التفريغ الوهجى ويظهر واضحاً ويسمى

نيران سانت المو ..

" قارن هذا بالأوصاف التي وردت في جريدة الأهرام بتاريخ 6 / 5 / 1968 .. ( هيئة جسم كامل من نور يظهر فوق القباب الأربع الصغيرة لكنيسة الزيتون أو فوق الصليب الأعلى للقبة الكبرى أو فوق الأشجار المحيطة بالكنيسة .. الخ .. ) ..

" .. (.. أما الألوان .. فقد أجمعت التقارير حتى الآن على أنها الأصفر الفاتح

المتوهج والأزرق السماوي )..

" وعندما نرجع بالذاكرة إلى الحالة الجوية التي سبقت أو لازمت الرؤية الظاهرة، نجد أن الجمهورية كانت تجتاحها في طبقات الجو العلوي موجة من الهواء الباردة جداً الذي فاق في برودته هواء أوربا نفسها، مما وفر الظرف الملائم لتولد موجات كهربية بسبب عدم الاستقرار، ولكن فروق الجهد الكهربي يمكن أن تظل كافية مدة طويلة ..

" ويضيف ملهام Milham عالم الرصد الجوى البريطاني في كتابه " المتيرولوجيا " صفحة

481 ( أنه أحياناً تنتشر رائحة من الوهج .. ) وتفسيرنا العلمي للرائحة أنها من

نتائج التفاعلات الكيماوية التي تصحب التفريغ الكهربي وتكون مركبات كالأوزون ..

" وخلاصة القول أنه من المعروف والثابت علمياً أن التفريغ الكهربي المصحوب بالوهج يحدث من الموصلات المدببة عندما توضح في مجال كهربي كاف، وهو يتكون من سيال من الأيونات التي تحمل شحنات من نفس نوع الشحنات التي يحملها الموصل ..

" والتفريغات الكهربية التي من هذا النوع يجب أن تتوقع حدوثها من أطراف الموصلات المعرضة على الأرض، مثل النخيل والأبراج ونحوها، عندما يكون مقدار التغير في الجهد الكهربي كافياً، بشرط أن يكون ارتفاع الجسم المتصل بالأرض ودقة الأطراف المعرضة ملائمة، ومن المؤكد أن الباحثين الأول أمثال فرنكلين لاحظوا مجال الجو الكهربي حتى في حالات صفاء السماء ..

" وتحت الظروف الطبيعية الملائمة التي توفرها الأطراف المدببة للأجسام المرتفعة فوق سطح الأرض قد يصبح وهج التفريغ ظاهراً واضحاً ..

" وقد ذكر " ولسون " العالم البريطاني في الكهربائية الجوية أن التفريغ الكهربي

البطيء للأجسام المدببة يلعب دوراً هاماً في التبادل الكهربي بين الجو والأرض،

خصوصاً عن طريق الأشجار والشجيرات وقمم المنازل وحتى حقول الحشائش . وليس من اللازم أن ينتهي الجسم الموصل بطرف مدبب أو يبرز إلى ارتفاعات عظيمة ..

" وقد يتساءل الناس : ..

" ـ .. إن الظاهرة خدعت الأقدمين من الرومان قبل عصر العلم، ثم في عصر العلم فسر العلماء الظاهرة على أنها تفريغ كهربي، لكن التاريخ يعيد نفسه، فقد خدعت نفس الظاهرة الطبيعية أهل مصر، فأطلقوا عليها نفس الاسم الذي تحمله الكنيسة التي ظهرت النيران فوقها، ومن هنا ظن القوم خطأ أنها روح مريم عليها السلام ..

" ـ .. الظاهرة الطبيعية تحدث في الهواء الطلق أعلى المباني والشجر ولا تحدث داخل

المباني، وهو عين ما شوهد، ولو أنها كانت روح العذراء لراحت تظهر داخل الكنيسة بدلاً من الظهور على الأشجار والقباب ..

" ـ .. الظاهرة الجوية يرتبط ظهورها ومكثها بالكهربائية الجوية، وعموماً بالجو وتقلباته، فهل إذا كانت روحاً يرتبط ظهورها بالجو كذلك ؟؟ ..

" ـ .. الظاهرة الطبيعية لا تشاهد إلا عندما يخيم الظلام، بسبب ضعف ضوء الوهج بالنسبة إلى ضوء الشمس الساطع . ولكن ما يمنع الأرواح الطاهرة أن تظهر بالنهار ؟؟

..

" ـ .. إذا كانت نفس الظاهرة تشاهد في أماكن أخرى في مصر فما الموضوع ؟ " .

وحاول الدكتور محمد جمال الدين الفندى أن ينشر بحثه في الصحف فأبت، والغريب أنه لما

نشر في مجلة الوعي الإسلامي " الكويتية منع دخولها مصر ..

والأغرب من ذلك أن الأوامر صدرت لأئمة المساجد ألا يتعرضوا للقصة من قريب أو بعيد !

وذهب محافظ القاهرة " سعد زايد " ليضع تخطيطاً جديداً للميدان، يلائم الكنيسة التي سوف تبنى تخليداً لهذا الحدث الجليل .. وعلمت بعد ذلك من زملائي وتلامذتي أن لتجليات العذراء دورات منظمة مقصودة .

فقد ظهرت في " الحبشة " قريباً من أحد المساجد الكبرى فاستولت عليه السلطة فوراً، وشيدت على المكان كله كنيسة سامقة !!

وظهرت في " لبنان " فشدت من أزر المسيحية التي تريد فرض وجودها على جباله وسهوله مع أن كثرة لبنان مسلمة .

وها هي ذي قد ظهرت في القاهرة أخيراً لتضاعف من نشاط إخواننا الأقباط كي يشددوا ضغطهم على الإسلام ..

وقد ظلت جريدة " وطني " الطائفية تتحدث عن هذا التجلي الموهوم قريباً من سنة، إذ العرض مستمر، والخوارق تترى ، والأمراض المستعصية تشفى، والحاجات المستحيلة تقضى ..

كل ذلك وأفواه المسلمين مكممة،وأقلامهم مكسورة حفاظاً على الوحدة الوطنية .

وسوف تتجلى مرة أخرى بداهة عندما تريد ذلك المخابرات المركزية الأمريكية . ولله في خلقه شئون .. )انتهى كلام الشيخ الغزالي رحمه الله وأقول إلى متى يظل خداع بسطاء العقول ساريا بين الناس