السبت، 3 أكتوبر 2009

الناسخ والمنسوخ

يحتج بعض مثيري الشبهات حول الإسلام أن الناسخ والمنسوخ في القرآن من الاختلاف الذي ذكره الله في الآية " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً " (النساء: 82 ) . فهم يعتبرون الناسخ والمنسوخ تناقض واختلاف في الأحكام ولكن التفصيل التالي يبين انتفاء ذلك .

إن نزول القرآن منجما أي موافقا للظروف و الأحداث جعلت لكل موقف حكم وحيث أن هذه الأحداث قد مرت فلا يلزمها هذا الحكم وهذا لأن الإسلام دين يتعامل مع واقع الأحداث فمثلا عندما كان المسلمون في مكة مضطهدون ومستضعفون ومطاردون من المشركين وليس لهم قوة مادية أو منعة كان الحكم هو الكف عن القتال قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ... (77)النساء " ولكن لما تغيرت الأحداث وهاجر المسلمون إلى المدينة وكانت لهم قوة ومنعة ولكن غير مستقرة أو ضعيفة أختلف الحكم وصار الأمر هو إذن بالدفاع عن أنفسهم " أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الحج"

وهذا ليس معناه إلغاء حكم الآية الأولى أوتناقضه ولكن معناه إذا تكرر حدث الاضطهاد والطرد والضعف فالحكم هو الكف عن القتال أما إذا تحصن المسلمون في مدينة أو دولة فالحكم هو الأذن بالدفاع عن النفس . وهذا يبين لنا أن المقصود بالناسخ والمنسوخ في القرآن هو تغير الحكم بتغير الظروف والملابسات وذلك يدل على واقعية دين الإسلام وانعدام المثالية التي لا يطيقها أغلب البشر.

ومثل آخر :

كان النبي في بداية الإسلام مأمور بالصلاة لوقت طويل من الليل وكذلك المسلمون ولعل هذا لعدم الأمن بالنهار ولعله إعداد تعبدي وإيماني مكثف مثل ما يحدث للجندي حين يدخل الجيش

فكان الأمر " قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6المزمل "

ثم لما تغيرت الظروف واحتاج المسلمون لجهدهم في النهار كان الأمر " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)المزمل " نلاحظ أن في هذا الحكم تخفيف من الله لعباده المؤمنين وهذا أيضا لا يلغي الحكم ولكم من وجد في نفسه قدرة وصبر على العمل بالحكم الأول فليفعل فهو قربى من الله ورفع للدرجات في الجنة وفي رضا الله

فأين التناقض والاختلاف في ذلك .

ومثل ذلك قوله تعالى" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" 183 البقرة والحكم في هذه الآية أنهم كانوا إذا فطروا أكلوا وشربوا وجامعوا النساء ويناموا قبل أن يصلوا العشاء فتم تخفيف الحكم بقوله تعالى " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " فهل التخفيف والتيسير يعتبر تناقض في القرآن ؟ لا يقول بذلك عاقل.

وكذلك التخفيف والتيسير يدل على رحمة الله بالناس . وتسمية الفقهاء لذلك بالناسخ والمنسوخ كمصطلح فقهي لا يعطي المعنى الظاهر للمصطلح والتفصيل الذي ذكرته ينفي القول بأن في القرآن نسخ وتعديل وحذف وإضافة أو تناقض واختلاف في الأحكام . وقد توسع الفقهاء في الماضي في استخدام المصطلح في الآيات التي قيدت المطلق وخصصت العام .أما الاحتجاج بالأخبار الضعيفة أو المكذوبة أو حتى أحاديث الآحاد التي توسع في عملية الناسخ والمنسوخ فتخرجه من معناه كالتي يذكرها المستشرقون والمسيحيين في كتبهم . فلم يأخذ بها جمهور علماءنا . وغير معمول بها في الفقه الإسلامي .ولم يترتب عليها حكم أو اعتقاد .

" أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً " (النساء: 82 ).

تعطي الآية معياراً صحيحاً للتحقق من صحة نسبة أي كتاب إلى الله عز وجل، فالبشر من طبعهم الخطأ والنسيان، والتخليط بعد تقادم الأيام، ولذا تأتي كتاباتهم منسجمة مع هذه الطبائع البشرية.

ولو طبقنا هذا المعيار على الأناجيل الأربعة والرسائل الملحقة بها، فإنا سنرى آثار هذه الطبائع تتجلى في أخطاء الإنجيليين وتخالفهم وتناقضهم في الأحداث والأحكام التي يوردونها في كتاباتهم.

ووجود التناقض يدحض دعوى إلهامية هذه الكتب، واعتبارها جزء من كلمة الله التي أوحاها إلى بعض تلاميذ المسيح.

أما الاختلاف في الكتاب المقدس فهو كثير أنقله هنا كمثال وليس للحصر :

يتحدث يوحنا عن الله الآب فيقول: "والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي، لم تسمعوا صوته قط ولا رأيتم هيئته" (يوحنا 5/37)، وعليه فإن أحداً لم يسمع صوت الله.

في حين أن الإنجيليين الثلاثة يتحدثون عن صوت لله سمعه الناس بعد عمادة المسيح على يد يوحنا المعمدان، يقول مرقس: "وكان صوت من السماوات: أنت ابني الحبيب الذي به سررتُ" (مرقس 1/11)، و(انظر متى 17/5، ولوقا 3/22)، فكيف يتحدث الإنجيليون عن صوت الله وهو يبشر بالمسيح في حين أن يوحنا يذكر أن أحداً لم يسمع صوت الله ولم يره؟

ويذكر يوحنا أن الكهنة واللاويين أرسلوا إلى يوحنا المعمدان ليسألوه : من أنت ؟ فسألوه وقالوا : " أأنت إيليا ؟ فقال : لست أنا " (يوحنا 1/20 - 22).

لكن متى يذكر أن المسيح قال عنه بأنه إيليّا " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان. ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه.. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليّا المزمع أن يأتي، من له أذنان للسمع فليسمع" ( متى 11/14 ).

وفي موضع آخر قال المسيح، وهو يقصد يوحنا : " ولكني أقول لكم : إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا " (مرقس 9/13)، فلزم من هذا التناقض تكذيب أحد النبيين أو تكذيب كتبة الأناجيل، وهو الصحيح.

وتتحدث الأناجيل عن إتيان المسيح شجرة تين، فلما وجدها غير مثمرة دعا عليها قائلاً: " لا تخرج منك ثمرة إلى الأبد، فيبست تلك الشجرة للوقت، فنظر التلاميذ وتعجبوا " ( متى 21/19 – 20 )، إذاً كان يباسها في الحال.

وهذا ما يناقضه مرقس، إذ ذكر دعاء المسيح على الشجرة ثم " لما صار المساء خرج إلى خارج المدينة، وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول، فتذكر بطرس، وقال له: يا سيدي، انظر التينة التي لعنتها قد يبست! " ( مرقس 11/19 – 20 )، ومعنى هذا أنها لم تيبس في الحال، كما لم يكتشف التلاميذ يباسها إلا في الغد.

ويذكر متى أن المسيح عندما دخل كفر ناحوم " جاء إليه قائد مائة يطلب إليه ويقول : يا سيدي، غلامي مطروح في البيت مفلوجاً متعذباً جداً " ( متى 8/5 - 7 ).

ويروي لوقا القصة وذكر بأن القائد لم يأت للمسيح بل " فلما سمع عن يسوع (أي القائد) أرسل إليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده، فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد.." (لوقا 7/3 - 4 )، فهل حضر القائد أم لم يحضر.

يتناقض متى في صفحة واحدة وهو يتحدث عن رأي المسيح في بطرس، فقد قال له: " طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات.. أنت بطرس... وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات...".

ولكنه ناقض ذلك بعده بسطور حين قال عنه: " قال لبطرس : اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي، لأنك لا تهتم بما لله، لكن بما للناس " ( متى 16/17 - 23 ).

ثم يتحدث متى عن إنكار بطرس للمسيح في ليلة المحاكمة بل وصدور اللعن والسب منه (انظر متى 26/74 ).

ثم يقول عنه في موضع آخر: " متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً، تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر " ( متى 19/28 )، فأي الأقوال تصدق في حق بطرس، وجميعها منسوبة للمسيح؟

ومن التناقض أيضاً ما وقع فيه لوقا حين زعم أن المسيح قال: " إن كان أحد يأتي إلي ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته، حتى نفسه أيضاً، فلا يقدر أن يكون تلميذاً " ( لوقا 14/26 ).

ثم في موضع آخر يذكر لوقا أن رجلاً سأل المسيح عن طريق الحياة الأبدية فكان من إجابته "أكرم أباك وأمك " ( لوقا 18/20 ).

وفي مرقس أن المسيح قال: " تحب قريبك كنفسك " (مرقس 12/31 )، فهل المطلوب من التلاميذ بغض الوالدين أم محبتهما وإكرامهما؟

ومثله ما جاء في سفر الخروج أن موسى أصر على رؤية الله فقال له الرب: " هو ذا عندي مكان، فتقف على الصخرة، ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة، وأسترك بيدي حتى أجتاز، ثم أرفع يدي فتنظر ورائي، أما وجهي فلا يرى " ( الخروج 33/21 - 23 ).

كما يتناقض قول يوحنا مع زعم لوقا بأن استفانوس قد رأى الله بصورته ومجده، إذ يقول: "وأما هو فشخص إلى السماء، وهو ممتلئ من الروح القدس، فرأى مجدَ الله ويسوعَ قائماً عن يمين الله. فقال: ها أنا أنظر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله" (أعمال 7/55-56).

إن الاقانيم عند كم متشابهون و متساوون والاهم من ذلك أنهم متفقون بالمشيئة!!!

أي أن الاقانيم عندكم "الأب, الابن , الروح القدس" لا يتعارضون أبدا بالمشيئة بأي شيء كان..
وهذا الذي نفاه الإنجيل نفسه...
فلنقرأ اختلاف المشيئة بين الاقانيم في الإنجيل:
متى26 :42 فمضى أيضا ثانية وصلّى قائلا يا أبتاه أن لم يمكن ان تعبر عني هذه الكأس إلا أن اشربها فلتكن مشيئتك.
والجدير بالذكر انه عندما رأى تلاميذه نيام قالها ثلاثا!!!
متى26 :43 ثم جاء فوجدهم أيضا نياما.اذ كانت أعينهم ثقيلة.
متى26 :44 فتركهم ومضى أيضا وصلّى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه.
ردد نفس الكلام...أي تكن مشيئة الاقنوم الأب ولا تكن مشيئة اقنوم الابن!!!
يوحنا4 :34 قال لهم يسوع طعامي أن اعمل مشيئة الذي أرسلني واتمم عمله.
وهنا أيضا....
ليس ليعمل مشيئة اقنومة بل ليعمل مشيئة اقنوم الأب....
وهذا جاء مصدقا لقول الله تعالى "وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ"

وهنا نرى أن الأب أعلى من الابن في الاقنومية واكبر ....ما هذا الاختلاف بين ما تكتبون وما تعتقدون

ولمن أراد الاستزادة

http://eld3wah.com/html/new-testament/index.htm

إنجيل متى الإصحاح 4 : 2 " صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة جاع "
لو كان إلهاً فلمن يصوم ؟ كما أن الجوع من خصائص البشر
إنجيل متى الإصحاح 6 : 9 من أقوال المسيح عليه السلام : -" أبانا الذي في السموات "
ألا تدل " نا " على الانتماء لمن يخاطبهم ؟ أي أن المسيح يعتبر نفسه كالناس الذين يدعون الله ألا يتناقض هذا مع دعوى إلوهيته

-إنجيل متى الإصحاح 7 : 21 من أقوال المسيح عليه السلام :-"يدخل ملكوت السموات بل الذي يفعل إرادة أبي".
أي أن طاعة الله سبحانه وتعالى هي أساس رضا الله

بينما بولس يعتبر شريعة الله التي تهذب السلوك البشري: لعنة، فقال: " المسيح افتدانا من لعنة الناموس" (غلاطية 3/13). ويبطل العمل بالشريعة أو الأعمال الصالحة ولا يعتبرها شرطا لدخول الملكوت بينما المسيح يرى طاعة الله هي التي تدخل فاعلها الملكوت . أليس هذا التناقض بعينه وفي عمل واعتقاد عظيم وكبير حيث لم يخلوا أي تجمع بشري من إتباع القوانين وتنفيذها ولكن بولس أراد أن يحول الناس من إتباع قواني الله إلى إتباع قوانين البشر .

من الواضح أن بولس أراد أن يجعل دخول النصرانية بدون تكاليف أو إتباع للقانون الإلهي ليجمع أكبر عدد من الناس حوله هو بالذات ويحول دون أن يتبعوا بقية تلاميذ المسيح الذين كانوا يعرفون الدين الحق .

الأمثلة على هذا التناقض كثيرة وعظيمة وكانت سبب أساسي في تحول الكثير من النصارى عن المسيحية إلى الإسلام . وتبريرات رجال الكنيسة لم تبرهن على صحة نسبة الإنجيل للمسيح لذوي العقول السوية .

( هذا الموضوع كان رد على شبهة أثارتها الكنيسة المصرية على صفحتها ولكنهم أبو إلا أن يعرضوها مبتورة عن اصلهاولذلك تم عرض الرد كامل هنا )

الجمعة، 2 أكتوبر 2009

حفظ القرآن

تكفل الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وهذا الحفظ كان مخصوص للقرآن دون الكتب السابقة لسبب وجيه هو أن القرآن هو الرسالة الخاتمة للبشرية جمعاء أي أنه لن ينزل كتاب بعد القرآن حتى لا تكون للناس عند الله حجة إلى أن تقوم القيامة .

والمستشرقين ورجال الكنيسة يرون أن طريقة حفظ القرآن كانت طريقة بدائية تحول دون إتمام عملية الحفظ وذلك لأنهم تصوروا أن حفظ القرآن تم عن طريق الكتابة على الأحجار والجريد والرقاع ولم يتعداه إلى وسائل أخرى للحفظ ولكن وسائل حفظ القرآن كثيرة ومنها الآتي :

ـ أن الله يسر القرآن للذكر والحفظ في الصدور والذاكرة حتى أن طفل صغير ذو سبع سنوات أو أكثر ومن بلد لا تعرف العربية في أندونيسا أو ألمانيا يستطيع أن يحفظ القرآن كاملا بدون حتى أن يفهم معنى ما يحفظ وهي خاصية تتوافر في القرآن فقط ولا تتوافر في الكتاب المقدس حتى أن البابا شنودة أو بابا الفاتيكان لا يستطيع أن يحفظ الكتاب المقدس ولا أعظم كاردينال مسيحي أو حتى صفحة كاملة منه بل أن البابا شنودة استطاع أن يستشهد في بعض خطبه بعدة آيات من القرآن حفظا بدون قراءة من المصحف . و كذلك الأمي الذي لا يقرأ يستطيع حفظه بسهولة ويسر وبدون تعلم القراءة والكتابة .

ـ أن الإسلام حس المؤمنين على التلاوة والحفظ في الذاكرة وجعل لمن يحفظ ويتلوا القرآن الجزاء العظيم في الدنيا والآخرة فتسابق الناس في الحفظ والتلاوة حديثا وقديما وهذا جعل كثير من الصحابة بالآلاف يحفظون القرآن وذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن فمه الشريف ويكفي أن أقول أن الإحصاءات تقول أن من حضر مع النبي حجة الوداع يصل إلى مائة ألف من المسلمين . وما زال الناس تتسابق على الحفظ بحيث لا يعدوا ولا يحصوا . بينما المسيحية لا تطلب من معتنقيها حفظ أو تلاوة الكتاب المقدس . فكان هذا مدعاة للنسيان والخطأ واستحالة التصحيح للمغير أو المبدل .

ـ إقامة الصلاة خمس مرات يوميا حيث يقرأ القرآن جهرا ثلاث مرات وسرا مرتين غير الصلوات الأخرى المستحبة جعلت المسلمين الأوائل معتادين على سماعه وحفظه وهم يصلون خلف الأئمة بحيث إذا أخطأ الإمام في القراءة صحح المصلين له في الحال أي أن جمهور المسلمين مراجعين ومصححين لأخطاء القراء وهذه عملية مستمرة قبل جمع القرآن في كتاب واحد وبعد ذلك و حتى الآن . ولو كان حدث تغيير بعد الجمع لصححوه أو لهاجت نفوسهم على من غير أو بدل في القرآن ولكن هذا لم يحصل بل كانوا واثقين ومطمئنين لصحة القرآن . وهذا أيضا غير متوافر في المسيحية فلا قراءة الإنجيل ولا دخول الكنيسة متكرر لهذا الحد فينطبع الإنجيل في نفوسهم كما أنطبع القرآن في نفوس المسلمين الأوائل والمعاصرين .

ـ أن البيئة العربية التي نزل فيها القرآن كانت معتادة على حفظ الشعر والنثر في الذاكرة بسهولة . وبالرغم أنهم كانوا يدونون ما يكتبون من مواثيق ورسائل إلا أن الحفظ في الذاكرة كان هو الأكثر اعتمادا و انتشارا بين العرب . وظلت دواوين الشعر الجاهلي محفوظة حتى بعد ظهور الإسلام .

ـ أن عملية جمع القرآن في كتاب واحد تمت على أيد الصحابة المقربين والمشهود لهم بالحفظ والأمانة وفي حضرة جميع من أمنوا بالإسلام من المهاجرين والأنصار ولم ينقل عنهم أنهم اعترضوا على كتابة أية واحدة أو أنهم وجدوا أخطاء فصححوها أو أن أحد قال نقصت أو زادت آية واحدة . لقد تم هذا في حضور عدد يعد بالآلاف من الصحابة المقربين الثقات الذين إن وجدوا الحاكم معوج قالوا له لنقومنك بسيوفنا وهذا ما حدث مع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب لما طلب منهم تقويمه إذا اعوج. فلم يكن لأحد أن يمنعهم من قول الحق في كتاب الله وقد أمروا مراراً بالنصح و الأمر بالمعروف وقول الحق . بينما تمت كتابة الإنجيل حتى بدون حضور التلاميذ الاثنى عشر حتى يكونوا شهداء على صحته فهم كانوا حاضرين مع المسيح وشهدوا تنزيل الإنجيل والأحداث وقد أخذوه من فم المسيح عليه الصلاة والسلام ولكنهم لم يكونوا موجودين حين كتب الإنجيل فأين الشهود الذين شاهدوا الأحداث ليشهدوا على صحة النقل والكتابة .

ـ إن عملية جمع القرآن تمت في جو آمن وأخوي للمسلمين حيث كانت القوة والسلطة والغلبة للمسلمين الصحابة فلم يكونوا مضطهدين أو مطاردين تحت احتلال روماني أو فارسي أو أي عدو على غير دينهم أي أنهم كانوا مسيطرين على دولتهم وشئونهم الدينية تماما قادرين على حفظه وتطبيق وممارسة شعائرهم وشريعتهم في دولتهم متمكنين من نشر دينهم بحرية . فاجتماعهم في المدينة المنورة جعلهم شهداء متضامنون على عدم حدوث أي تغيير في القرآن . لم يتحكم فيهم سلطان وثني كما تحكم قسطنطين الوثني الذي لم يتعمد إلا على فراش الموت كما يقول تاريخكم فجمع القساوسة فقرب من كانت عقيدته تقترب من عقيدته الوثنية واستبعد من صحت عقيدته وخالفت وثنيته . وهذا الذي توفر للمسلمين الأوائل لم يتوافر للمسيحية حيث رفع المسيح بسبب مطاردة الرومان واليهود وتفرق تلاميذ المسيح الأثنى عشر في الأقاليم مطاردين ومضطهدين في ظل سيطرة واضطهاد روماني وثني جعلهم مضطرين لإخفاء دينهم أحيانا أو مختفين عن الناس لم يستطيعوا إظهار شعائرهم ولم يستطيعوا أن يسيطروا على أو يصححوا الانحراف الذي حصل في العقيدة أو تفسيرات المبشرين ولم يراجعوا الذين كتبوا الأناجيل المختلفة وسقطاتهم وهم كثير وأنى لهم هذا وهم مطاردين في البلاد مختفين من أعدائهم . لم يجمعهم مكان واحد فيكونوا شهداء على بعضهم أو مصححون لمن أخطأ أو نسى منهم .

ـ كان الصحابة خير الناس حفظا وحبا وإخلاصا لدين الله وهم الذين تم على أيديهم جمع القرآن في كتاب واحد وكلهم معروف بحسن خلقه وحقيقة دينه ونسبه وقصة حياته تفصيلا كانوا متحابين متعاونين وقد نقلت لنا كتب السير كل ما يثبت ذلك وعلى سبيل المثال الخليفة الأول أبو بكر الذي حارب مانعي الزكاة قائلا " أينقص الدين وأنا حي والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه " فهو لم يرض من الناس عدم تطبيق فريضة واحدة من شرائع الإسلام . وعند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أخرج جيش أسامة الذي قد جهزه الرسول للجهاد فنصحه بعض الناس بألا يخرج الجيش في مثل هذه الظروف فقال " أنفذوا بعث رسول الله " فهذا من حرصه تنفيذ ما أراده النبي حتى بعد مماته فلم يبدل ولم يغير . وهذا الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يقول" قوموني إن رأيتم في اعوجاجا فيرد عليه أحد المسلمين والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بالسيف " وهذا يدل على شجاعة الصحابة في قول الحق وحقهم في تقويم المعوج فمثل هؤلاء لو رأوا في كتاب الله تغيير أو تبديل لصححوه وقوموه وما منعتهم هيبة الخليفة . وحدث أن عمر قد رأى ارتفاع قيمة المهور فأراد أن يحددها . فوقفت له امرأة من المسلمين فقالت له " تريد أن تحرمنا ما رزقنا الله" فقال قولته التي تدل على أنه ليس مستبدا كملوك الرومان " أصابت امرأة وأخطأ عمر ".وفي مرة رأى أن المسلمين يحبون زيارة الشجرة التي ذكرت في القرآن فقطعها خوفا من أن يتبرك الناس بها على عادة الوثنية وحرصا على نقاء وصفاء دين الإسلام . هل توافر مثل هذا للمسيحية . انظر عن من أخذت النصرانية . بطرس الرسول كما يقولون أخبر عنه المسيح أنه سيتنكر للمسيح ثلاث مرات حين يصيح الديك وبالفعل بعد رفع المسيح وزوال الخطر عنه . سئل بطرس ثلاث مرات فينكر معرفته بالمسيح وتذكر مصادر المسيحية أن بطرس كان قد ضل وظن أن المسيح بشر فحسب تعبيرهم أن بطرس لم يكن يفهم عقيدة المسيح وقد كان من تلاميذه . فكيف يثقون فيمن لم يفهم عقيدة المسيح خلال سنوات صحبته ثم تنكر له.

وبولس الرسول كما يقولون قبض عليه الرومان فادعى أنه روماني الجنسية وقبض عليه اليهود فادعى أنه من الفريسيين يعني أسلوب مراوغة ومن يأمن للمراوغ . ونصح المبشرين أتباعه أن يتعلموا اللغات والسحر أو الحيل حسب تعبير الكتاب المقدس ما حاجة المبشرين لتعلم الحيل إلا لخداع الناس وإثبات أنهم يعملون المعجزات . ثم مِن مَن تلقى الدين المسيحي ؟ من بطرس الذي لم يستوعب عقيدة المسيح طوال سنوات صحبته وما المدة التي تعلم فيها الدين المسيحي ؟ خمسة عشر يوما في صحبة بطرس ثم تصاحب مع برنابه ثم تخاصم معه وطرده برنابه لماذا ؟ لفساد عقيدته وقد كان برنابه أسبق منه في المسيحية . من هم كتاب الإنجيل هل يعرف نسبهم أو سيرتهم أو حقيقة أيمانهم ؟ وعلى يد من أمنوا وتعلموا الدين ؟ لا تعرفون حقيقة كُتاب الإنجيل ومع ذلك سلمتم بصحة ما يقولون ولم تعرفوا حقيقتهم .

ـ المؤمنين من الصحابة الذين عايشوا نزول الوحي وتلقوه من فم رسول صلى الله عليه وسلم يعدوا بالآلاف فإن أخطأ منهم واحد أو عشرة أو اثني عشرة في القرآن صحح له بقية الآلاف وإن غير أو بدل واحد أو أثني عشر اجتمع عليه الآلاف يقوموه بالسيف . وهذا جعل عملية الثقة في عملية التواتر( نقل القرآن من جيل إلى جيل)أعلى وأكبر من أن يُشك في صحة النقل والتواتر . أي أن ألاف حفظوا القرآن من فم الرسول ثم لقنوه إلى عشرات الآلاف من الذين جاءوا بعدهم ثم لُقن وحُفظ بعد ذلك إلى مئات الآلاف من الذين جاءوا بعدهم وهكذا استمرت عملية التواتر وحفظت من الانقطاع .

فكم عدد التلاميذ الذين عاصروا المسيح وأخذوا منه الإنجيل وتلقيتم أنتم منه الإنجيل ؟ واحد فقط هو بطرس الذي تنكر للمسيح ولم يفهم الرسالة حيث كان يظن المسيح بشر كما قال كتابكم . ثم من كان سيصحح لبطرس إن أخطأ وقد أفترق عن بقية التلاميذ . لقد أغفل كُتاب الإنجيل ذكر ماذا حدث لبقية التلاميذ الأثني عشر ومن علموه ولمن سلموا الرسالة أما بولس فلم ير المسيح ولم يتلقى عن التلاميذ إلا من بطرس .

وكتاب الإنجيل ممن نقلوه وكتبوه ومن هم الذين نقلوا منهم وكم عددهم وما حقيقة تدينهم ؟ لا تعرفون .

ـ إن عدم ظهور نسخ أخرى للقرآن واحتجاج الناس بها لدليل على عدم التبديل أو التغيير في كتاب الله وما حدث أيام عثمان إنما هي نسخ كتبت بلهجات محلية وبعد أن دخل كثير من الأعاجم في الإسلام وكانوا حديثي عهد بالإسلام والعربية فلم يحسنوا كتابة أو حفظ القرآن لعجمتهم فكان لابد من التصحيح حيث عين ألاف المسلمين متيقظة ومتحفزة لمن غير أو بدل وتم إخبار خليفة المسلمين الثالث ولم يكن يقل عن من سبقوه حفظا وأمانة لدين الله وكتابه فأمر بنسخ عدة نسخ من القرآن المحفوظ في المدينة المنورة وتحت عين المسلمين من الصحابةوبشهادتهم لهذا العمل وكان يرسل النسخ المكتوبة ومعها قارئ حافظ ممن تربوا في مدينة القرآن يعني صوت وصورة لكل مصر من الأمصار ثم أمر بحرق النسخ التي كتبت ولم تكن موافقة للنسخة المحفوظة بالمدينة المنورة, والصحابة شهود على ذلك ولم يعترض منهم أحد ولم ينقده مع إمكانهم ذلك لأنهم رأوا الخير في ذلك, ولو لم يفعل ذلك لكانت فتنة وضلال كبير ولنعم ما فعل ولولاه لظهر المؤلفون كما ظهروا في المسيحية .وإلى الآن لم يعترف المسلمون إلا بكتب واحد وإله واحد ورسول واحد وقبلة واحدة .لم يفترقوا في حقيقة الله أو الرسول أو الكتاب كما النصارىوهذا من أهم براهين حفظ الكتاب .

" يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)"

" هذا الموضوع كان رد على شبهات أثارها موقع الحوار المسيحي الإسلامي التابع للكنيسة المصرية ولكنهم رفضوا نشر الرد بالكامل بل مسحوه فور نشره "